امتلأت مجتمعاتنا للأسف بكثير من الجهلاء وممن يتصفون بنقص وخفة العقل وتفاهة الرأي، وأنا أصفهم فعليا بالجهلاء لأن من لا منطق له ولا بيان أعده جاهلا لا يعرف موازنة الأمور ولا صحيحها. ابتلينا بجهلاء لا أخلاق لهم.

ابتلينا بقليلي العقل الذين يدعون العلم والفهم ونجدهم في معظم الأماكن، ويصنفون أنفسهم بأنهم يعرفون في كل شيء ويجادلون في شتى الأمور، وعند مناقشته في بديهيات الأمور فإنك تصدم من أنه لا يعقل حتى كلام من يقوم بمحاورته ومناقشته.

يظن الجهلاء أنهم ذوي معرفة وعقل يزن الأمور في موازينها الصحيحة، بينما هم عكس ذلك تماما، دائما القاعدة التي لا تقبل الشك أن أولئك الجهلاء لا يقبلون بأي شكل من الأشكال كلام من يسعى لتنويرهم أو إرشادهم لما هو صحيح.

قال أبو حاتم بن حبان -رحمه الله-: “من علامات الحمق سرعة الجواب، وترك التثبت، والإفراط في الضحك، والوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار. وإن من أعظم أمارات الحمق في الأحمق: لسانه، فإنه ما خطر على قلبه نطق به لسانه”.

للأسف هناك من هم كثر بهذه الحياة من يسعى جاهدا إلى بث الوقيعة والخلاف وتصنع ذلك لما قد يكون في نفسه المريضة، إما لحسد أو لغيره وإما لكره بدون أسباب، فهم كثر ولهم أساليبهم في تشويه الحقائق وقلب الموازين، وقد يصل الأمر ببعضهم بأن يعتقد بأنه معصوم من الخطأ؛ لذلك الحل الأسلم للتعامل مع تلك الشخصيات هو التجاهل التام وعدم مجاراتهم لأن أي إنسان عاقل من الطبيعي أن ينأى بنفسه عن أمثالهم احتراما وترفعا لنفسه. في الحقيقة أن مخالطتهم بلاء وتجنبهم شفاء ودواء للعقل.

الإعراض عن الجاهلين يكون بالترك وعدم الدخول معهم في جدال لا ينتهي إلى أي فائدة مرجوة إلا إضاعة الوقت والجهد، فكل من يعرض عن أولئك فقد كسب نفسه وأراح باله قال تعالى (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).

اجعل هناك مسافة كافية تبعدك عنهم وليكن تعاملك في حدود المعقول لا ضرر ولا ضرار.

قال تعالى:(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا).